برج بابل ... بين الحقيقة و الخيال
علي طالب
لطالما كان رمزا لكبرياء الانسان، التف حوله الغموض من كل جانب ولم نستطع ان نستشف المعلومة التي تشبع تساؤلاتنا عنه.
برج بابل ... هذا الصرح العظيم .... أين كان؟ .... ما سبب بناءه؟ .... في اي وقت بني؟ .... كيف بني ؟ ... كيف كان شكله؟ .... ما الارتفاع الذي بلغه؟ ... و كيف انتهى به الامر؟
سنجيب عن هذه الأسألة في هذه المقالة
Latest projects
Susan Smith March 2012
I'm a paragraph. Click here to add your own text and edit me. It’s easy. Just click “Edit Text” or double click me to add your own content and make changes to the font. Feel free to drag and drop me anywhere you like on your page. I’m a great place for you to tell a story and let your users know a little more about you.
Tip: Use this area to let your visitors know about your latest news. You can change the title to the service you provide and use this text area to describe your service. Feel free to change the image.
اول ذكر للبرج كان في التوراة (العهد القديم)
سفر التكوين
و كانت الأرض كلها ذات لغة واحدة، و كلام واحد. و حدث انهم فيما كانوا في ترحالهم من الشرق، وجدوا سهلا في ارض شنعار فاقاموا هناك . و قال بعضهم لبعض: هيا ، لنصنع آجرا، نشوه جيدا. و كان لهم آجر عوضا عن الحجر، و قير عوضا عن الطين. و قالوا هيا لنبن مدينة و برجا تبلغ قمته السماء . و لنجعل لنا اسما، لئلا نتشتت على و جه الارض كلها.
هكذا تروي التوراة طريقة بناء البرج.
يمكننا ان نستمد من هذه القصة التي يرجح انها كتبت في القرن التاسع قبل الميلاد ان البرج بني في سهل و كما نعلم ان ارض الرافدين هي سهل، كما و نستشفي ايضا ان مادة البناء كانت الطين وليس الحجر و كما هو معروف ان الطين المشوي (الآجر) هي مادة البناء الرئيسية في العراق القديم و كذلك بالنسبة للقار فهو ما كان يستخدم لربط الآجر بينه و بين بعض كما نشاهد اليوم في خرائب المواقع الآثارية اليوم.
اما سبب البناء فهو لبناء اسم لهم لبناء وطن ينتمون اليه كي لا يتشتتوا في الارض
أمرني الرب مردوخ بشأن إيـتيـميـنانكي، برج بابل المدرج، الذي كان قبل زماني قد أصابه البلى و الخراب، أن اوطد أسمه في حضن العالم السفلي و جعل قمته كالسماء.....
أمرت بصنع الآجر. و كما الأمطار من الأعالي لا تقاس أو التيارات الدافقة جعلت انهارا من القير يؤتى بها بقناة اراهتو؟
أخذت قصبة و بنفسي قست الأبعاد...إتبعت نصائح الآلهة شمش و أدد و مردوخ، فإتخذت قرارات و حفظتها في قلبي, حفظت قياسات البرج في ذاكرتي ككنز، و ضعت تحت الآجر ذهباً و فضة، و أحجارا كريمة من الجبال و من البحر و أمرت بصنع تمثال لشبهي الملكي مرتديا الدوبشيكو ؟ و جعلته في الأسس، و لربي مردوخ حنيت رقبتي، و خلعت ردائي شارة دمي الملكي و على رأسي حملت الآجر و التراب.
و أما ابني البكر نبوخذنصر، حبيب قلبي، فجعلته يحمل الطين و تقدمات الخمر و الزيت برفقة ابناء رعيتي.كل الشعوب من امم عديدة أجبرتها على العمل في تشييد إيـتيـميـنانكي... و أقمت المسكن العالي لربي مردوخ على قمته.
هكذا يروي نبو بولاصر ملك بابل قصة البرج
ما يمكن ان نستقيه من رواية نبو بولاصر التي دونت قرابة 600 قبل الميلاد أي بعد ثلاثمائة سنة من كتابة التوراة ان البرج كان موجودا قبل زمن نبوبولاصر و هو بالتأكيد ما يشير اليه الملك عندما يقول " الذي كان قبل زماني قد اصابه البلى و الخراب " كما و هناك نص للملك الآشوري سنحاريب يتفاخر فيه بتدمير بلاد بابل و يذكر تدمير البرج المقدس حوالي سنة 689 قبل الميلاد مما لا يدع مجالا للشك ان البرج كان موجودا قبل العصر البابلي الحديث.
ويصف البرج بأن قاعدته في العالم السفلي و رأسه كالسماء و هو بالضبط كوصف التوراة عندما تقول ان البرج يصل إلى السماء او الجنة كما ان معنى الاسم (إيـتيـميـنانكي) هو اساس السماء و الأرض.
و يستمر التطابق مع الوصف التوراتي عندما نشاهده يصف المادة المستخدمة في بناء البرج الآجر و القير، و يتكلم الملك عن اشرافه الشخصي على بناء البرج و يذكر العادة التي دأب عليها بناؤوا العراق القديم و التي توارثناها اليوم وهي وضع الأساسات في
البناء و وضع الكنوز فيها و اسم الملك المشيّد و يذكر نبوبولاصر مشاركة ابنه نبوخذنصر الذي سيكون المكمل لهذا المشروع الضخم بعد وفاة والده كما و يشير إلى مشاركة اهل بابل بالإضافة إلى الأسرى من الامم الأخرى.
" في وسط الهيكل (المعبد) بني برج متين، طوله ستاد واحد و عرضه ستاد واحد. و على هذا البرج قام برج آخر، و على هذا قام برج آخر ، و على هذا قام برج كذلك، و هكذا حتى كان المجموع ثمانية ابراج بسلم لولبي يحيط بها من الخارج و في حوالي منتصف الطريق إلى الأعلى ثمة مقاعد يستطيع الصاعدون الجلوس عليها للإستراحة.
و في البرج الأعلى هناك هيكل عظيم، و في الهيكل سرير عظيم بديع الصنع و الزينة، و قربه مائدة من ذهب، و ليس هناك اي تمثال لمعبود. و لا يقضي الليل هناك سوى امرأة من اهل تلك البلاد، كلفها بذلك الإله بالذات، و هذا ما اخبرني به الكلدانيون الذين هم كهنة ذلك الإله.. "
هكذا يصف ابو التأريخ الرحالة هيرودوتس برج بابل في رحلته إليها حوالي سنة 460 قبل الميلاد
يصف هيرودوتس هنا برج بابل الذي تم بناءه من قبل نبوخذنصر و يورد هيرودوتس في نصه طولاً للبرج و هو اول ذكر لطول البرج في نص تأريخي و يذكر ان طوله زهاء الـ 180 متر (ستاد واحد) و يقول ان الطول و العرض واحد بالتالي البرج كان مربعا و يصف البرج على انه مكون من عدة ابراج بعضها على بعض و تصغر كلما استمرينا بالصعود و هو بالتأكيد الوصف المطابق للزقورات القديمة .
ولكن يذكر هيرودوتس وجود ثمان طبقات في حين المعروف عنها انها سبع، فهل عدّ هيرودوتس غرفة استراحة الاله في الأعلى من الطبقات ؟ يمكن ان نأخذ وصفه على هذا المأخذ...ثم يقول هيرودوتس ان للبرج سلم لولبي يحيط به من الخارج و يمكن ان نتخيل هذا السلم من خلال النظر إلى ملوية سامراء فهي بالضبط مكونة من ذلك السلم اللولبي المحيط بالبرج من الخارج...
يمكننا ان نتلمس الأثر الذي تركه البرج في نفس هيرودوتس فهو يصفه بالضخامة حيث بدى له ان طوله مائتي متر و هذا يتطلب وجود مقاعد استراحة لانه من الصعب صعوده مرة و احدة.
كما ان وصف هيرودوتس لغرفة الآله في الأعلى هو النص التأريخي الوحيد الذي يتكلم بهذه التفاصيل عن البرج و يتكلم عن اثاثها البديع الصنع كما يصفه من الذهب و دقة في الوصف حيث انه لا يرى تمثالا هناك و يتكلم عن وجود امرأة هناك لا يوضح كلام هيرودوتس وظيفتها هل هي هناك لخدمة الآله ؟ للقيام ببعض الطقوس؟ هل لممارسة الزواج المقدس مع الآله؟ هذا ما سيجيبنا عليه المستقبل لربما.
" كيغال إيـتـيميـنانكي : الأرتفاع يساوي الطول و يساوي العرض.
الطابق الأول : الطول 295 قدما، العرض 295 قدما، الارتفاع 108 اقدام.
الطابق الثاني : الطول 256 قدما، العرض 256 قدما، الارتفاع 59 قدم.
الطابق الثالث : الطول 197 قدما، العرض 197 قدما، الارتفاع 19.75 قدم.
الطابق الرابع : الطول 167.5 قدما، العرض 167.5 قدما، الارتفاع 19.75 قدم.
الطابق الخامس : الطول 138 قدما، العرض 138 قدما، الارتفاع 19.75قدم.
(الطابق السادس : الطول 108.5 قدما، العرض 108.5 قدما، الارتفاع 19.75قدم.)
الطابق السابع : الطول 79 قدما، العرض 79 قدما، الارتفاع 49 قدم.
اليوم السادس و العشرون من الشهر التاسع من السنة الثالثة و الثمانين لحكم الملك سلوقس "
هكذا يصف اللوح المسماري المحفوظ في متحف اللوفر و المبينة صورته اعلاه و المسمى بلوح إيساغيل برج بابل.
يعطي اللوح بالتفصيل هيكلية الشكل الهندسي للبرج اولاً البرج مربع القاعدة بلا شك كون طول القاعدة مساوي لعرضها كما نلاحظ ان الأطول تقل تدريجيا مع كل طبقة ثانيا و ما يثير الإنتباه ان ارتفاع الطبقات من الثالثة و إلى السادسة هو واحد و يساوي 19.75قدم ثالثا يشير اللوح إلى أن في إيتيمينانكي الإرتفاع يساوي الطول و يساوي العرض حيث إذا قمنا بجمع كل الإرتفاعات المذكورة في اللوح سنجدها تساوي 295 قدما و هي بالضبط نفس عرض و طول القاعدة.
يعود اللوح إلى زمن الملك سلوقس الثاني و يؤرخ اللوح بالتأريخ التالي الثاني عشر من كانون الثاني عام 229 قبل الميلاد،
يذكر الباحثون ان هذا اللوح هو نسخة عن لوح بابلي اقدم يذكر مواصفات البرج و ما عرضناه هو ترجمة مقتضبة للنص الأصلي و التي خلص اليها الآثاريون لان بقية النص غير مفهوم حيث يذكر ارقام و حسابات رياضية معقدة مثلت تحدي للباحثين الآثاريين إلا انهم تمكنوا من ترجمة الأسطر من 37 إلى 42 بصورة واضحة و هي الموجودة اعلاه مع ملاحظة ان اللوح لم يذكر الطابق السادس بل انه قفز من الخامس إلى السابع و عزى الآثاريون ذلك إلى اغفال الناسخ ذكر الطابق السادس خطأ فتم ملئوه من قبلهم عن طريق التناسب مع بقية الأطوال.
هنا نأتي إلى نهاية القسم الأول من السلسلة و الذي عرضنا فيه وصف البرج وفقاً لبعض المصادر التأريخية تبعا للأزمان التي دونت فيها تلك المصادر من الأقدم إلى الأحدث.
القسم الثاني سيتكلم عن الحقائق الآثارية التي تم إكتشافها من قبل الآثاريين بشأن البرج
ذلك البرج المهيب و الذي استرعت عظمته غضب الرب دعت الكثير من المغامرين و المشككين و المؤمنين دعتهم إلى القيام برحلات مجهولة الوجهة للبحث عن تلك الكتلة الهائلة من الطين.
بنجامين تيوديلا و جون الدريد و الاب جوزيف دي بوشامت و غيرهم الكثير من الرحالة الأجانب جاؤوا إلى العراق في إثر أبسط دليل و إن كان قول عجوز أخرف بشأن البرج وتحملوا السهر و التعب و النفقات التي يسترعيهاذلك البحث الغير مدروس أفضى بحثهم إلى اربعة ابراج:
- زقورة عقرقوف (دور كوريكالزو) بغداد
- زقورة مجيليبة (قرب بابل)
- زقورة بيرس نمرود (بورسيبا – بابل)
- زقورة كيش (تل الأحيمر)
ابحاث الرحالة و المستشرقين مع ريادتها إلا انها لم تأخذ بنظر الأعتبار علميا، كونها غير مدروسة و لم تتبع فيها النظم و الطرق العلميا في البحث و النقصي و إلذا إريدلها أن تأخذ بنظر الإعتبار فأنها ستستخدم كإسناد لما يوجد اليوم كالإستفادة من وصف أولئك المغامرون لما يرون و رسموماتهم حيث ان اسبقية البحث لهم اعطتهم فرصة معاينة تلك المبان الضخمة قبل ان تنهشها عوامل التعرية و يد الإنسان و قساوة الحروب لذلك يرجع إلى هذه البحوث كبحوث مساندة.
كان الإستاذ هنري لايرد اول من درس الزقورة دراسة علمية ابتدأت عام 1845 م في مدينة خوراساباد و مع ذلك كانت دراسته بسيطة أيضا كون أن علم الآثار في وقته كان لايزال في طفولته بالتالي كانت الوسائل المستخدمة بسيطة و لا تفضي إلى معلومات غنية.
ولكن في النصف الثاني من القرن العشرين وصل علم الآثار إلى مرحلة متقدمة و إستطاع ان يقدم لنا الكثير من المعلومات التي تساعدنا في بحثنا و سنتناول في الجزء القادم ما توصل اليه علم الآثار الحديث في دراسة ابراج العراق.
الصورة اعلاه تمثل الأبراج التي لاحظها الرحالة إلا تل مجيليبة حيث لاتوجد صورة لهذا التل للأسف بالإضافة إلى زقورة خوراساباد التي نقب فيها السير اولصن هنري ليارد.
الصورة مأخوذة من كوكل إيرث لمدين بابل الأثرية و يلاحظ ان حفرة البرج بعيدة عن الجزء المرمم من جدران بابل.
بابل التي ملئ ذكرها العالم و لاتزالتذكر كما لم تذكر مدينة في الدنيا للاسف لا نعرف عن تأريخها و الذي هو لابد ممتد إلى ما قبل ما تقوله ابحاث اول من نقب فيها الأستاذ روبرت كولدوي و التي أبتدأت العام 1899 م و ما لدينا من معلومات عن هذه المدينة يعود إلى ما يعرف بسلالة بابل الاولى في الفترة (1894 – 1595 ق . م) فترة حكم حمورابي و كانت المدينة تسمى بالسومرية (كا – دنكير – را)، و حول اللسان الأكدي هذه التسمية إلى (باب – إيلي) و منها باب إيل و نسخت التوراة هذه التسمية بأمانة (بابل) و هي بلا شك تعني باب الإله و هذه القدسية لهذه المدينة تدفعنا إلى ان نتوجه إليها في بحثنا عن اقدس سلم بني للآلهة لتستخدمه في النزول من السماء إلى الأرض و منه إلى بقية بقاع الأرض أفلا يشترط ان نطلق عليها اسم باب الإله؟
في بقعة من مدينة بابل القديمة وبعيدا عن الجزء المرمم منها تسمى الصحن عثر روبرت كولدوي على كم هائل من الآجر المتناثر بشكل هائل في هذه البقعة حتى اصبحت اشبه بالمقلع ولكن من بين هذا الخراب تمكن كولدوي من إستخراج دلائل مهمة من هذه الخربة.
كانت هنا مكان هذا المقلع زقورة و تسمى ( إي – تيمن – ان – كي ) و هي ماسبق و إن قرأناه (إيـتـيميـنانكي) (دار اساس السماء و الارض) و هي زقورة معبد الإله مردوخ معبد إيساغيل، هي حفرة كبيرة مربعة الشكل طول ضلعها 298 قدم بالضبط كما يصفها لوح (ايساغيل) مبنيا تماما من الاجر المشوي و اثبتت دراسة كولدوي ان الإرتقاء إلى الطبقات العليا عن طريق ثلاث سلالم من الارض مباشرة سلم و سطي عظيم و سلمين جانبيين متساويين و لا يمكن رؤية هذه السلالم اليوم إلا خرائب مشوهة جدا و لكن من خلال طولها و ارتفاع درجتها تمكن من حساب ارتفاعها و الذي كان تقريبا 120 قدم للسلم الوسطي و 100 قدم لكل من السلمين الجنبيين.
هذا كل ما تمكن كولدوي من حسابه بما لديه من دلائل حيث كما قلنا لم يبق شيئا سوى حفرة كبيرة ولكن لتطابق وصف لوح ايساغيل لقاعدة البرج مع الدلائل الآثارية نتمكن من ان نعتمد على هذا اللوح في استنتاج ارتفاع البرج الكلي الذي يصل إلى 300 قدم، اي ما يصل إلى 91 متر، في مقاييس العالم القديم هكذا ارتفاع هو ارتفاع مهيب ولنتخيل حجم الانسان نسبة إلى هذه الكتلة الضخمة...ارتفاع البرج قريب من ارتفاع اعظم هرم في مصر وهو هرم خوفو الذي يصل ارتفاعه الى 137 متر .
" فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما. وقال الرب هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداؤهم بالعمل. والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه. هلم ننزل نبلبل هناك لسانهم؛ حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض. فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض. فكفُّوا عن بنيان المدينة. لذلك دُعِيَ اسمها ''بابل''. لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض. ومن هناك بددهم الرب على وجه كل الأرض. "
هكذا إنتهى مصير برج بابل على رواية التوراة...
كتبت التوراة حوالي الألف الأول قبل الميلاد و لكن هناك نص لسنحاريب يورد فيه كيف انه دمر مدينة بابل و معبد إيساغيل بعد ان اخرج تمثال مردوخ منه ( فحلت عليه اللعنة) و دملات بابل حوالي 689 ق. م هذا يعني ان ما بين الفترة التي دون فيها التوراة و تدمير سنحاريب لبرج بابل كان هناك بناء له و من ثم و بعد فترة سنحاريب اعاد نبوبولاصر و ابنه نبوخذ نصر بناء البرج من جديد.
و في مسلة حمورابي تذكر اهم المعابد و الأبنية و منها معبد إيساغيل و حمورابي حكم في الفترة 1720 ق .م فإذا كان معبد إيساغيل موجودا في فترة حمورابي إذا لابد لبرجه الإيـتـيميـنانكي ان يكون موجوداً.
فيكن تسلسل تواجد البرج كالتالي:
- زمن حكم حمورابي 1720 قبل الميلاد ــــــــ هل كان موجوداً قبل هذه الفترة؟ لا نعلم حيث لا يرد عن بابل شيئا قبل هذا التأريخ.
- تهدم البرج (بغضب الرب) كما تورد التوراة قرابة 900 ق . م
- لابد من أن أعيد بناء البرج وذلك أن سنحاريب هدم المعبد عام 689 ق . م
- عاد نبوبولاصر و ابنه نبوخذنصر ليبن البرج من جديد في الفترة 580 قبل الميلاد
- ليعود أكزركسيس الملك الفارسي ليهدكه عام 478 ق . م
- ليأتي الأسكندر إلى بابل ويرها جنة الأرض كما وصفت له و يجعلها عاصمة دولته العظمى و يتفقد برج بابل المهدم و ينوي إعادة بناءه من جديد و تبدأ العملية الضخمة و ترفع الحطام و الركام و يخلى الموقع ولكن لم يكتب لهذه المهمة الجبارة ان تنتهي فقد اقعدت حمى بابل الأسكندر و قتلته فمات الحلم معه.
يقول الأستاذ طه باقر " في بيتنا القديم بالحلة.. طالما شاهدت أسم الملك (نبوخذ نصر) محفورا بعلامات مسمارية على سطوح الطابوق الذي شيدنا به دارنا "
في القرون التي عقبت عهد الاسكندر وجد السكان في بقايا البرج مصدرا مفيدا جدا لمواد البناء و مدهم لمئات السنين بآجر مشوي و أي أي آجر هذا ؟ هو من النوع الفاخر فبنوا منازلهم من تلك الآجرات.
الخلاصة:
قبل سبعة ايام من اليوم إبتدأنا سلسلتنا في الإستقصاء عن أحد أكثر الصروح غموضا رمز الكبرياء الإنساني و الطموح الفطري للأنسان في الخلود و إبتدأنا البحث بطرح سبعة أسئلة و حاولنا ان نجيب عنها خلال السلسلة و اليوم و صلنا إلى خلاصة البحث فسنتناولها سؤالاً سؤالاً حتى تتجلى الصورة أمامنا واضحة أما أولها فكان :
1- أين كان؟
في البحث رشحت لنا خمس اماكن:
- زقورة كوريكالزو (عكركوف في بغداد)
- زقورة مجيليبة (قرب بابل)
- زقورة بورسيبا (بيرس نمرود في بابل
- زقورة كيش (تل الأحيمر في بابل)
- زقورة بابل (بابل نبوخذنصر)
البعد التأريخي و التضارب الزمني يبعد زقورة كوريكالزو (عقرقوف) عن إحتمالية كونها برج بابل، اما الثانية فليس لدينا اي معلومات عنها سوى روايات المستشرقين الغير علمية، أما بورسيبا فهناك دلائل تأريخية ترجح كون الزقورة بنيت من قبل نبوخذنصر بالتالي هذا ايضا يخرجها من الإحتمالات كونها تتضارب زمنيا مع ما وردنا عن البرج، هذا يبقينا مع الأخيرتين....يرجح ان البرج هو ما كان موجودا في بابل القديمة مدينة نبوخذنصر حيث ان زقورة كيش من النمط الثاني من الزقورات و التي هي مستطيلة القاعدة (انماط الزقوات ثلاث اوجد هذا التقسشيم المستشرق الألماني أونجز) و يرتقى اليها عن طريق المنحدرات لا السلالم و هذا ينافي ما وصلنا من وصف البرج بالتالي نستطيع ان نرجح دون القطع ان البرج كان في نفس مدينة بابل التي بناها نبوخذنصر.
2- ما سبب بناءه ؟
لدينا عدة اسباب
- يقول مفسروا التوراة ان اهل بابل ارادوا بناءه لأنهم ارادوا ان يرتقوا إلى السماء ويصلوا إلى الجنة .
- في التوراة يقول البناؤون انهم يبنون برجا و مدينة ليجعلوا لهم اسما و وطنا كي لا يتشتتوا في الارض.
- بعض الآثاريون يرجحون بناء البرج كوسيلة للوقاية من اخطار الطوفان التي كانت تتهددهم بين الحين و الآخر خاصة مع ذكرى طوفان عظيم.
- الجمع الأكبر من الآثاريين و إستنادا على الموروث السومري و الأكدي الزقورات بصورة عامة هي معابد للآلهة و سلم يرتقيه الإله ليهبط من السماء إلى الأرض و هذا هو السبب الأرجح.
3- في أي وقت بني؟
اقدم مصدر لبناءه هو التوراة و التي كتبت في القرن التاسع قبل الميلاد ولكن التوراة كانت تتحدث عن برج بني في السابق أي انها تروي قصة حدثت في سالف الزمان اي بالتأكيد قبل القرن التاسع.
فإذا علمنا ان معبد إيساغيل و الذي هو كان المعبد الحاوي للبرج مذكورا في مسلة حمورابي فهل هذا يعني ان البرج يعود إلى هذه الفترة ؟ و إذا كان فهل هناك أحتمال انه وجد قبلها؟
على كل حال مسلة حمورابي كتبت في 1790 قبل الميلاد فهذا ابعد دليل يتوفر لدينا عن تاريخ البرج و يرجحه الأستاذ طه باقر.
4- كيف بني؟
اما هذا السؤال فأشارت كل المصادر و التنقيبات اليه و أجابته فكانت مادة البناء هي الآجر المشوي... طابوق يصنع من الطين ثم يشوى و يستخدم القير بدلاً عن الإسمنت في ربط الطابوق بعضه ببعض.
5- كيف كان شكله ؟
لم تذكر التوراة شكله ولكن ذكر لنا هيرودوتس ذلك وقال هو انه ثمان ابراج واحد فوق الآخر أكبرها اسفلها و أصغرها اعلاها في القمة غرفة للإله فيها سرير و منضدة و يرتقى للبرج بسلم لولبي يلتف حول البرج من الخارج و هذا ما اعطى الإنطباع للرسامون ان البرج دائي الشكل و هو ليس كذلك كما قال هيرودوتس ان هناك مقاعد للصاعدين فقد يتعبهم الصعود كل هذه المسافة.
اما الرأي المرجح و الآثاري يذكر انه برج مربع من سبع طوابق قاعدته اكبرها و قمته اصغرها يرتقى اليه عن طريق السلالم و التي تبدأ بثلاث رئيسي وسطاني طويل و سلمين إلى جانبيه يصغرانه و ينتهي بغرفة للآله يذكر انها بنيت من الآجر المزجج الأزرق كذلك الذي إستخدم في بوابة عشتار.
6- كم بلغ ارتفاعه؟
- يذكر هيرودوتس ان ارتفاعه كعرضه كطوله وهو 180 متر ويذهب الباحثون إلى ان ذلك ضربا من المبالغة تركها التأثير الذي وقع في نفس هيرودوتس من الحجم المهيب للبرج.
- اما لوح أيساغيل الذي يعود إلى العهد السلوقي فهو يذكر ايضا ان الارتفاع كالطول كالعرض و هو 295 قدم أي حوالي 90 متر.
- اما البحث الأثاري فقد وجد ان طول القاعدة كعرضها و هي 298 قدما بالتالي من المرجح ان الارتفاع هو ذاته فيكون 298 قدم أي 91 متر و نصف المتر.
7 – كيف إنتهى به الأمر؟
- تشير التوراة ان غضب الرب حال دون إكمال بناء البرج و لربما هدمه.
- اما المصادر التأريخية فتذكر ان سنحاريب هدم معبد إيساغيل في سنة 689 قبل الميلاد، فعاد نبوخذنصر لبناءه عام 580 قبل الميلاد ليهدمه الملك الفارسي أكزركسيس عام 478 قبل الميلاد و هذا اخر عهده حيث كما ذكرنا سابقا اراد الأسكندر المقدوني إعادة بناءه و شرع في ذلك لكن وفاته المبكرة حالت دون ذلك.
الصورة أعلاه تمثل نموذجا لبرج بابل في المتحف البرطاني و بنسبة و تناسب بين حجم البرج و حجم الإنسان في النسبة بينهما هي نفسها كما كانت في الحقيقة و ضعت هذه النماذج البشرية لتوضيح حجم البرج نسبة للانسان كما يشير امين قسم الشرق الاوسط في المتحف البرطاني الدكتور ارفنك فينكل.
لابد من ان كان البرج حقيقياً، نسجت حوله الأساطير كونه اقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة بناء عظيم إلى درجة انه لفت نظر الرب و سخطه فأي بناء هذا؟
مصادر البحث/
- الكتاب المقدس
- برج بابل للأستاذ أندريه بارو
- دراسة في برج بابل للمستشرق الألماني أي. أونجز
- مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة الجزء الأول للأستاذ طه باقر
- مجلة سومر الجزء الأول و الثاني من المجلد السادس و العشرون لعام 1970