النص الكامل لقصة جميل ننورتا احدى قصص ادب السخرية الرافديني
في نفر كان هناك رجل فقير اسمه ( جميل ننورتا)
هو رجل بائس كان يجلس ضجرا لا ذهب عنده و لا فضة و لامال يفتخر به
وكان هذا حال اغلب الناس
ليس في بيته غلة و أحشاؤه تتمزق جوعا
وحهه تغير ولم ياكل اللحم او يشرب الجعة منذ زمن طويل
ملابسه ذاتها لم تتغير
آلمه الجوع يوما فلم يجد سوى ملابسه هذه فقال لنفسه:
" اخلع ملابسي و أشتري بها نعجة من السوق "
فخلع ملابسه و ذهب الى السوق و اشترى عنزة عمرها ثلاث سنوات وقال لنفسه:
" لن اذبح هذه العنزة في داري، لن اذبحها دون وليمة و دون جعة فيسمع اصدقائي و يغضبون
بل سآخذها الى بيت الحاكم و اقدمها له طعاما لذيذا فعساه يكرمني "
فأخذها جميل و جاء بها الى حاكم نفر و قال للبواب:
" اخبر سيدك بأني اريد مقابلته "
فذهب البواب الى الحاكم و قال له:
" سيدي هناك رجل من نفر ينتظر عند الباب وقد جلب عنزة هدية لك "
فقال الحاكم بغضب :
" اقبض على هذا الرجل و ادخله الي "
دخل جميل الى الحاكم مسرورا يمسك رقبة العنزة بيده اليسرى و يؤدي التحية الى الحاكم باليمنى و قال:
" عسى ان يبارك انليل مدينة نفر و حاكمها و أن يكثر أدد ونسكو الخيرات "
فقال الحاكم:
" لقد أسات ألي عندما جلبت هذه الرشوة "
قص جميل حكايته للحاكم لكن الحاكم صرخ بوجهه و قال للبواب:
- اعط هذا الرجل عظمة و عصبة و من وعائك شربة من الجعة (ثلث الرديئة) ثم اصرفه
فعل البواب ذلك و اخرجه من الباب فالتفت جميل الى البواب و قال له:
- حلت البركة على سيدك و قل له بأني سأوفيه جزاء العناء الذي سببه لي ثلاث امثاله
فطرده البواب و أخبر الحاكم بما قاله فضحك طوال النهار على هذا الابله.
ذهب جميل الى قصر الملك و طلب مقابلة الملك، فلما دخل عليه قبل الارض بين يديه ثم حياه و قال:
- سيدي يا قوة الشعب
ايها الملك الذي تباركه الآلهة
مرهم يعطوني عربة واحدة و دعني افعل ما اتمنى ليوم واحد باكمله
و سادفع عن يومي هذا منا (وحدة قياس) من الذهب
لم يسأله الملك عن امنيته بل أمر بإعطائه عربة يقضي بها نهارا كاملا
فأعطوه عربة جديدة تليق بالنبلاء و حزموه بحزام
ثم ركب العربة الجديدة و اتجه الى دور انكي فأصطاد عصفورين
جميلين و وضعهما في صندوق و ذهب الى الحاكم (الذي ظلمه)
خرج الحاكم ليستقبله و قال له:
- من تكون يا من كنت تتجول و تصيد الطيور؟
- لقد ارسلني الملك يا سيدي فجلبت معي ذهبا الى معبد انليل
فذبح الحاكم نعجة سمينة و أقام عشاء فتسامرا حتى نعس الحاكم و نام،
فقام جميل ننورتا في سكون الليل كاللص و فتح باب الصندوق و صاح:
- استيقظ ايها الحاكم لقد فتح باب الصندوق و سرق الذهب.
شق جميل ثوبه و انقض على الحاكم ليوفيه دينه فضربه من رأسه حتى أقدامه
و كان الحاكم يصرخ تحته من الفزع و الالم ثم امر بان يعوض ذهبه المسروق
فاعطوه منين من الذهب الخالص و ثيابا عوضا عن ثوبه الممزق
حين خرج جميل من الباب قال للبواب:
- حلت البركة على سيدك ولكن قل له وفيت قسطا و بقي قسطان
فلما سمع الحاكم بذلك ضحك طوال النهار
بعد ذلك جاء جميل ننورتا الى الحلاق
فحلق شعره كله و ذهب الى بيت الحاكم و قال للبواب:
- اريد ان ارى الحاكم
قال البواب:
- من انت؟
قال جميل:
- انا طبيب من (ايسن) اعرف كل الامراض فأدخل لسيدك و اخبره
و حين دخل جميل كشف الحاكم عن كدماته في الاماكن التي ضربها جميل بجسمه
قال جميل:
- لا يمكن ان ينجح علاجي ياسيدي الا في الظلام
فأخذه الى غرفة خاصة و رمى جميل المسمار في النار و دق خمسة اوتاد في الارض الصلبة
شد يديه و رجليه و رأسه
و اخذ يضرب كل جسمه من رأسه الى قدمه حتى ادماه
و حين هم بالخروج قال للبواب:
- حلت البركة على سيدك و قل له اني وفيت قسطين جزاء ما سببه و بقي لي واحد
و رأى الناس ما فعله جميل بالحاكم فتوارى بعيدا عن العيون
و بعد ةقت ارسل رجلا الى الحاكم و قال له بعد ان اعطاه مكافئة :
- اذهب الى باب الحاكم و اصرخ بأعلى صوتك
و اجعل الناي يتجمهرون على صراخك من كل صوب و قل:
" انا صاحب العنزة الذي طرده الحاكم "
ذهب الرجل الى هناك اما جميل فقد أختبأ تحت قنطرة يراقب ما يجري
لما خرج الحاكم على صراخ الرجل امر كل الحاشية رجالا و نساء ان يخرجوا وراء هذا الرجل و يمسكوه
و حين ركضوا ورائه بعيدا كان الحاكم يمشي في الخارج وحده
قفز جميل من تحت القنطرة و امسك به و انقض عليه
فوفاه دينه ضربه من رأسه الى قدميه حتى اوجعه فقال له:
" ها أنذا اوفي بعهدي و ادر لك دينك ثلثة اضعاف ما ييبته لي من عناء
ثم تركه و ذهب الى الريف اما الحاكم فقد دخل المدينة جثة هامدة
المصدر/
أنجيل بابل – خزعل الماجدي
علي طالب