top of page

سرجون الأكدي ... كيف تمكن من توحيد العراق القديم؟
علي طالب

 

في الربع الأخير من الالف الثالث قبل الميلاد ظهر الى العالم و لأول مرة في تاريخ الإنسانية رجل تمكن من تأسيس اول امبراطورية في العالم ... رجل من العامة لا يحمل في عروقه دم ملكي و لا هو من أصحاب الجاه و السلطة، بل شق الطريق الى بلاط الحكم في دويلة كيش السومرية بنفسه.

وصل سرجون الاكدي ليصبح احد رجال الملك السومري اور- زبابا و يدخل البلاط الملكي و تمكن لربما بمساعدة و تواطئ بعض رجال البلاط من الإطاحة بالملك اور – زبابا و تولي مقاليد الحكم في دويلة كيش.

في ذلك الوقت كان ملك دويلة اوما السومرية لوكال زاكيزي يحرز تقدما عسكريا على حساب دويلات المدن السومرية المنتشرة جنوب العراق مبتدئاً بخصمه التقليدي ملك لكش اوروكاجينا ليضيف اليها اوروك و اور و لا رسا و نفر لكنه لم ينعم بالحكم طويلا فبعد كل هذا العناء و الانهاك الذي أصابه و أصاب جيشه انقض سرجون بجيشه من كيش نحو مدينة اوروك و سيطر عليها و دك اسوارها الأسطورية ليقع بعد ذلك لوكال زاكيزي بأسر الملك الأكدي و لينطلق سرجون نحو باقي أراضي دويلات المدن السومرية و يسقط اور و لجش التي اتحدتا معا للوقوف في وجهه فما نجح تحالفهما في صد هجومه الامر الذي القى الرعب في قلوب باقي الدويلات السومرية فراحت تتسقط واحدة تلوى الأخرى بسهولة تحت سيطرة سرجون الأكدي الذي لم يبدو ان شيئا يوقفه وصل سرجون ممتدا من كيش إلى جنوب العراق ليبسط سيطرته على طول الطريق حتى الخليج ليغسل سيفه هناك كناية عن وصوله لأبعد حد.

لم يكتف سرجون بذلك فعاد بالاتجاه المعاكس نحو غرب العراق ليضم توتولي (هيت) و بارموتي (غرب الرمادي) و ماري (تل الحريري على الحدود السورية العراقية) و ايبالا (جنوب حلب) ليمتد الى غابات الأرز في لبنان و هناك بعض الإشارات التي تدل على وصوله الى جزيرة كريت على البحر البيض المتوسط.

توقف هناك ليعود مرة أخرى ناحية الشرق متوجها هذه المرة الى المدن المتاخمة لحدود بلاد عيلام ليسيطر على الكثير من مدنها.

امتدت الإمبراطورية الجديدة من جبال زاكروس شرقا الى البحر المتوسط غربا و من الخليج جنوبا الى جبال طوروس شمالا و بهذا يحقق سرجون لأول مرة في التاريخ البشري وحدة ارض بهذه المساحة تحت حكم رجل واحد

 

كيف تمكن من السيطرة على هذه المساحات الواسعة وان يبقيها تحت سيطرته لأكثر من نصف قرن؟

 

فرضت سعة الأراضي التي آلت تحت حكم سرجون عليه ان يبتكر مجموعة من الطرق الإدارية و السياسة ليضمن فيها بقاء تلك المساحات الواسعة من الأراضي تحت سيطرته و ليأمن من ثورة تلك الشعوب او تمرد حكامها و الانفصال عن الإمبراطورية ... 

 

 

 

 

و لذلك كان عليه ان يفهم انه يحكم شعبا متعدد الأعراق و الايمانات أيضا، شعب لم يحكم قبل الآن من قبل سلطة مركزية تسيطر على الدويلات المتناثرة هنا و هناك، بعد هذا الادراك اقام سرجون امبراطوريته على بعض الاساسات الإدارية السياسية و العسكرية و التي سنستعرضها على شكل نقاط:

 

 

 

أولا/ جيش دائمي مدفوع معنويا و ماديا للحفاظ على الإمبراطورية

 

كان من اول ما اهتم به سرجون هو جيشه الذي التف حوله في اول سيطرته على كيش و ساعده في ضم اوروك لحكمه و حتى بسط نفوذه على ثلث العالم القديم كان جيشه يزداد باتساع أراضيه فكان قوي دائمي.

حافظ سرجون على ولاء جيشه عن طريق منحهم أراض زراعية للاستثمار، و بلا شك في ذلك الزمن كانت الأرض الزراعية العمل الأكثر درا للربح من حيث ان عماد الحياة في الحضارات القديمة هي الزراعة، فكان يستعيض عن دفع الرواتب بهذه الأراضي فغطى بذلك الجانب المادي للجنود.

في نفس الوقت لا تعد هذه الأراضي ملكا للجنود بل هي ملك الدولة وتعود الى الدولة ساعة توقف الجندي عن أداء واجبه في خدمته العسكرية او تقصيره او زوال الدولة ولذلك فان الجندي معرض لخسارة هذه الأرض اذا ما زالت الامبراورية الاكدية فهي ليست ملكا له ليحتفظ بها بعد سقوط الدولة، لذلك شكل هذا دافعا معنويا عند الجندي للدفاع عن الإمبراطورية لانه يدافع عن أراضه.

 

الصورة تظهر الجيش الاكدي يتقدمه الملك نرام سن حفيد الملك سرجون نقش مسلة النصر

 

ثانيا/ الولاة

 

 

لما كانت الإمبراطورية متراميا الأطراف توجب على الملك ان يعين الولاة لحكم اجزائها فمن المستحيل ان يشرف على حكم كل هذه الأراضي بنفسه،

 

كان سرجون قد أحاط نفسه بمجموعة من القادة المخلصين له و المخلص لهم فكان يغدق عليهم الهدايا و المنح لامرين الأول ليكسب ولائهم و ثقتهم و الثاني ليحقق لهم نوعا من الاكتفاء الذاتي فلا ينظرون لاموال الناس و يتجرؤوا لأغراقهم بالضرائب القاسية فيتمرد الناس كنتيجة، كما انهم لن يلتفتوا الى المادة و الرشوة فيحكموا بالعدل مما يضمن الهدوء و الاستقرار في مناطق حكمهم.

و كان سرجون صارما في قضية التوريث فقد منع الحكام الولاة من توريث حكمهم لابناءهم حيث انه لم يرد ان يعتقد الوالي بانه حاكم دائمي فيقع في نفسه شيء من الطمع في التمرد و الانفصال و كان لتبدل الولاة في المدينة الواحدة اثرا في ابعاد فكرة دويلة المدينة التي كانت سائدة في المنطقة و تثبيت فكرة الحكم المركزي و بهذا يكون سرجون حمى امبراطوريته من تمرد و طمع الحكام و ضمن حكم تصرفهم فهم عرضة التغيير ان اخطئوا .

 

 

ثالثا/ وحدة القضاء و استقلاله بفصله عن حكم الولاة

 

 

كان لكل دويلة مدينة قضاء خاص بها تكتسب احكامه الصفة الشرعية بموافقة الملك، لكن في ظل امبراطورية مترامية الأطراف و لغرض بقاءها موحدة كان لا بد من توحيد القضاء حتى يعامل الكل بنفس الاحكام كما و من اجل ان لا يسمح لحكام الولايات ان يسيطروا على القضاء فيميلوه كيفما شاؤوا ...

 

لهذا السبب عين سرجون بنفسه القضاة على الولايات و ربطهم بنفسه و حتى القسم الذي نشاهده في المحاكمات التي وصلت بعض نصوصها من العهد الاكدي نرى ان القسم يكون باسم الآلهة و الملك. بالتالي كان القضاء في امبراطورية اكد واحدا مستقلا عن سلطة حكام الولايات التي كانت في السابق دويلات مدن لكل منها قضاءها الخاص المرتبط بملكها.

كما ان خضوع القضاء لسلطة الملك سرجون المركزية كبح أي نية للحكام بالتمرد او التجاوز و التطاول فكانت للقضاء سلطته المستقلة.

 

اللوحة للفنان جوزيف ميهان تمثل الملك سرجون

 

رابعا/ علمانية الإمبراطورية

 

لربما من اسهل ما يمكن ان يحصل عليه الانسان هو الايمان الزائف.... ذلك الايمان المتوارث او السطحي و الذي يأتي اليك دون عناء او تعب بل يقدم لك جاهزا، و ينتشر عادة بين الاعم الاغلب من الناس فقيرهم و غنيهم، و لما كان من الصعب الحصول على حياة طيبة يجد فيها الانسان الراحة و الطمئنينة ركن و منذ حبوته الأولى للايمان بالقوى المسيطرة على الكون آملا ان تستجيب هذه القوى فتغير بصورة فوق طبيعية حاله الذي يبدو صعب التغيير الى الأفضل دون جهد .... و لما تطور الانسان تطور معه هذا الايمان و هو اكثر ما يتمسك به فلك ان تحرمه اهله و ماله و كل ما لديه لكن اياك ان تسلب منه ايمانه فهو امله في حياة افضل ... منعه من ممارسة طقوسه و اعلان ايمانه هو تماما كسد اخر باب امل له قد يدفعه الى فعل أي شيء آخر .....

يبدو ان سرجون وصل الى هذا الادراك، على الرغم من ان تجربة الحكم جديدة عليه فهو لم ينشأ تحت سقف البلاط الملكي ناهيك عن ان التاريخ لم يتناول حتى هذا الشكل من الحكم (الحكم الامبراطوري) و لك ان تتصور التحديات التي تواجه هذا الشاب في إبقاء امبراطوريته موحدة تحت حكمه.

 

 

 

ادرك سرجون ان عليه ان يبتعد عن الدين و ان لا يفرض الايمانات او يحرم البعض منها بل فتح الباب واسعا لكل تلك الايمانات المختلفة التي كان عليها أبناء دويلات المدن، فقد كان لكل منها اله قومي خاص بها مع اتفاقها على البنود العريضة للدين، كانت لنفر و اريدو مكانة دينية خاصة في قلوب العراقيين القدماء بعرقيهما الرئيسيين السومري و الاكدي (ان اعتبرنا السومرية عرقا) فكان انليل هو الاله القومي و المعبود في مدينة نفر المقدسة كما و كان انكي اله الحكمة هو الاله القومي المعبود في مدينة اريدو اول مدينة أسست على الأرض في الميثولوجيا السومرية وكذا الامر للاله ننجرسو في لكش و الاله نانا في اور و هكذا.

 

اتساع الإمبراطورية الاكدية جعلها تضم اعراقا مختلفة و طقوس و آلهة متنوعة و على الملك ان يواجه هذه الحقيقة حيث ان الملوك السابقين كانوا يتعاملون في الغالب مع عرق واحد ذو توجه ديني واحد ...

 

لذلك و كأجراء يبعده عن الحرج فصل سرجون الدين عن الدولة مع إبقاء ايمانه الخاص واضحا في بعض نصوصه دون ان يفرضه على احد، فالظاهر في كل نصوصه انه ينسب الفضل لنفسه لا إلى الآلهة على عكس ما كان يفعل الملوك السابقين له، لا بل حتى من لحقه كان اذا بنى احدهم معبدا قال ان الإله أوحى له او طلب منه ذلك... لكن لا نلاحظ هذا عند سرجون فقد كان يذكر اعماله على انها صادرة من ارادته وحسب و ليس تنفيذا لاوامر اله معين.

 

عندما أسس سرجون مدينة اكد و على خلاف كل المدن التي أسست في العراق القديم لم يعين لاكد الها مقدسا و لم تعتبر مسكنا لاحد الآلهة كما هي بقية المدن السومرية التي اعتبرت كل واحد منها مسكنا لإله معين، بل ان أكد كانت نتاجا بشريا خالصا فلم يصلنا أي نص يشير الى ان المدينة بنيت من قبل اله معين (ميثولوجيا طبعا) كما هي بقية المدن.

 

كانت اكد مدينة مركزية لكل الإمبراطورية لا يعبد فيها اله معين فتفضل على سائر المدن، ليس كما ظهر في امبراطوريات أخرى كالآشورية التي كان اشور الآهها القومي او البابلية التي كان مردوخ الآهها القومي. 

 

لم يفرض سرجون عبادة اله معين على الأراضي التي ضمها الى امبراطوريته بل منح الاقوام التي كانت تحت حكمه الحرية الدينية الكاملة الامر الذي ساعد على كسب ود هذه الاقوام التي لم تتعود على تسامح ملك قادم من خارج الحدود. 

 

 

لوحة للفنانة العراقية فريال الظامي

 

اللوحة للفنان الاسباني غينيس كينيونيرو

 

خامسا/ انتعاش الاقتصاد

 

 

الما كان لفقر سبب الجهل و الإرهاب و الثورة و التمرد و غيرها، كان لسرجون خطة ذكية لانعاش الاقتصاد في امبراطوريته و هي عن طريق بسط السيطرة على الطرق التجارية المهمة بين اكد و باقي الدول المجاورة لها فكانت له طرقا تجارية شمال العراق للتجارة مع اسيا الصغرى و عثر على موقع اكدي على احد الطرق التجارية على نهر الخابور عرف بتل البراك و اخر قرب سنجار يعرف بباسطكي و أخرى عن طريق منافذ الخليج و كانت التجارة تمتد لتصل الى ايران و أفغانستان شرقا و بلاد الشام و تركيا شمالا و مصر غربا و عمان و البحرين جنوبا، و هناك اسطورة تسمى بملك الحرب و تروي هذه الأسطورة بعض إنجازات الملك سرجون و يلاحظ فيها أيا كيف ان السيطرة على الطرق التجارية و تأمينها كان من الأهداف الرئيسية للملك سرجون و التي كانت على اهمي عالية لدرجة ذكرها بأسطورة.

 

 

سادسا/ الحدود و التقويم الموحد

 

كان من الإجراءات التي يتخذها الجيش الاكدي بعد احتلال المدن هي دك اسوارها حتى لاتكون عصية عليه اذا ما تمردت و حتى لا يفكر أهلها بالتمرد و التحصن بالاسوار و لإرساء فكرة الدولة الواحدة ذات الحدود الواحدة على الاقوام التي رضخت تحت حكمه.

 

كما و انه أسس لتقويم واحد للامبراطورية الاكدية فيه تسمية موحدة للشهور لكل أجزاء الإمبراطورية بعد ان كانت مختلفة لكل دويلة التي كانت تقاويمها مبنية على أساس ديني فيها تقسم الاعياد و المناسبات بشكل مختلف عن الدويلات الأخرى.

 

 

...الجزء الثامن و الأخير


آخر ما نختم به حديثنا عن الملك سرجون هو بعض الخطوات التي قام بها و التي كان لها تأثير مباشر على قبوله كحاكم مركزي لدويلات المدن العديدة .... فبعد ان شاهدنا الإجراءات الإدارية التي اتخذها ... لا بد ان نعرج على بعض التدابير السياسية التي كان لها الأثر النفسي على تقبل حكم سرجون من قبل أبناء تلك الدويلات سواء كانوا سومريين او ساميين .... 

 

نبدأ من اسطورة ولادة سرجون .... يعود تاريخ تدوين هذه الأسطورة الى العهد الآشوري الأخير أي الالف الأول قبل الميلاد ... بعد حوالي الف سنة من قيام الإمبراطورية الاكدية .... و في ذلك تضارب وقتي فكيف تكتب هذه الأسطورة بعد الف عام من قيام الدولة الاكدية؟ لذلك راح يشكك البعض في انها نسبت للملك سرجون و ألفت حديثا .... لكن هناك رأي اخر هو ان هذه الأسطورة حالها حال الكثير من النصوص القديمة التي نسخت في العصر الاشوري الأخير في حركة الترجمة و الاستنساخ التي تولاها الملوك الاشوريون و على رأسهم الملك اشوربانيبال صاحب الفضل العظيم و الذي أوصى ولاته على كل مناطق وادي الرافدين ان يبعثوا له بكل النصوص القديمة في أماكن حكمهم لغرض الحفاظ عليها و دراستها و إعادة استنساخها لا بل ترجمة السومرية منها الى الأكدية ... كيف لا و اشوربانيبال اجاد حتى السومرية و راح يتفاخر بإجادته لها .... اذا الرأي الثاني يرجح كون الأسطورة قديمة و تعود الى عهد سرجون لكنها استنسخت في العصر الاشوري الأخير كما في ملحمة كلكامش حيث ان النسخة التي نقرئها هي نسخة العصر الاشوري الأخير أي الالف الأول الميلادي و لكن نحن متيقنون لوجود نصوص اقدم على انها سومرية الأصل و عمرها يصل الى لاخمسة الاف سنة ...

اهم النقاط التي و ردت بالاسطورة و التي زادت من فرص مقبولية سرجون بين أبناء الشعب الاكدي الجديد ..... 

" لم اعرف ابي "


هكذا يعرف سرجون نفسه .... هو لم يعرف اباه قط .... بل كان نتاج علاقة غير شرعية بين رجل و احدى كاهنات المعبد المحرم عليهن الانجاب وفقا لنواميس الكهانة آنذاك...

 

لماذا يطرح سرجون نفسه بهذه الصيغة؟ التفسير الوحيد هو انه لم يرد ان يعرف اصله ... هو لا يريد ان يقال عنه سومري فيمتعض الساميون .. أو يقال انه سامي فيمتعض السومريون بل ظل عرقه مجهولا و ظلت هناك نسبة ضئيلة للأكديين او السومريين لان يعتقدوا ان سرجون ينتمي نسبا لهم أو على الأقل لا أحد يعرف الى أي عرق من الأعراق ينتمي هو فيتفاخر به على الآخرين او يشعر الاخرين بالظلم لانهم يحكمون من رجل من غير عرقهم.

ولكن يعرف سرجون انه من جنوب وادي الرافدين .. هو من دويلة كيش جنوب بابل فأعاد سرجون لعبته مرة أخرى و إدعى في نفس الاسطورة ان له اخا يسكن المناطق الشمالية لوادي الرافدين في محاولة مرة أخرى لتضييع اصله ... فكون وجود اخ له في الشمال يعني ان هناك احتمال ان سرجون اصله شمالي .... في نفس الوقت وجوده في الجنوب يعطي احتمال اخر الى كون اصله جنوبي (التنقيبات و الأبحاث لم تثبت حتى اليوم وجود اخ لسرجون) 

ولد سرجون و ما كان لأمه إلا ان تتخلص منه فقد يقتل و تقتل هي.... لذلك وضعته في سله طلت قاعدتها بالقار و أرسلتها في النهر ... حمله النهر حتى عثر عليه ساقي (او فلاح) اسمه آقي فرباه و كبره ... و حين رأته الآلهة عشتار اعجبت به و احبته و جعلته ملكا ....

هنا نقطة أخرى في الأسطورة تشير الى ان سرجون استخدم العرف في الاحقية او التفويض الإلهي لإضفاء الشرعية على توليه منصب الحكم .. حيث انه يروي ان عشتار هي التي اوصلته للحكم حين اعجبت بقوته و وسامته ... لذلك فهو حاكم شرعي بتفويض من الربة عشتار بالتالي لا يستطيع احد ان يحاججه في شرعية حكمه..

و تختم الأسطورة بخطوة ملفتة أخرى ... 

ما هو اسم سرجون ؟؟؟ نحن لا نعرف اسمه الحقيقي ... فاسمه الذي ورد بالكتابات و في الأسطورة نفسهة و رد بالصيغة الاتية :

شرو – كين و التي تعني الملك الحقيقي ... او الملك الأصلي

و ليس من المنطقي ان يسميه ابوه بهذا السام ... فكيف له ان يعلم انه سيكون ملكا في المستقبل فيسميه الملك الاصلي؟ اذا التسمية جديدة جائت بعد توليه الحكم في إشارة الى ان سرجون هو صاحب الحق في الحكم و غيره كان مغتصبا ... فهو الملك الأصلي .... لم يطلق على سرجون غير هذه التسمية شرو – كين .... اما التسمية سرجون فهي مشتقة منها (أي من شروكين) و هي من الأسماء الحديثة من المصادر الغير مسمارية ....


خارج اطار الأسطورة كانت له سياسة أخرى في تضيع اصله فقد اطلق على ابنته اسم سومري هو اينخيدوانا و عينها في معبد سومري ككاهنة للاله نانا اله مدينة اور السومرية .. على الرغم من كونه اكدي.

كما قام ببناء عاصمة اكد الجديدة دون ان يستخدم أي من المدن التي كانت عامرة لانه لم يود ان يفضل مدينة على الأخرى.. فيعتقد انه فضل هذا على ذاك.

هذا ببساطة مختصر ما قام به سرجون لانشاء امبراطورية موحدة استمرت لحوالي المائتي عام و هي فترة طويلة جدا لأول محاولة في بناء امبراطورية، استمرارها طول هذه المدة مع تمردات بسيطة دليل على نجاح السياسة التي اتبعها سرجون في الحكم كما و مهدت هذه الإجراءات الطريق لكل من جاء بعده بحكم الإمبراطورية كحمورابي و اشوربانيبال و نبوخذنصر و كورش و الالسكندر و غيرهم 

للأسف لم يعثر الاثاريون حتى اللحظة على موقع مدينة اكد لذا فان المصادر المسمارية و الاثار عن تلك الحقبة و الخاصة بحكم الملك سرجون قليلة و تحتاج الى جهد جبار للعثور عليها لنفك لغز اول امبراطور بالعالم.

تم .... شكرا على المتابعة

مصادر البحث

- مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة الجزء الأول للأستاذ طه باقر
- سرجون الاكدي للدكتور فوزي رشيد

 

علي طالب

 

 

 

bottom of page