بيرام و تسيبا النص الكامل
لم يكذب من قال ان شكسبير عراقي الأصل (شيخ زبير) ... او على الأقل هناك حقيقة خلف هذا الطرح ...... بيرام و تسيبا اسطورة بابلية تشابه في نقاط عدة قصة روميو و جوليت للكاتب الإنكليزي وليام شكسبير ....
للأسف حتى الآن لم نعثر على نص مسماري يسند هذا الإدعاء إلا ان المؤرخ اليوناني هيرودوتس ينقل القصة في كتاب التاريخ و ينسبها إلى أصل بابلي و تدور أحداث القصة في مدينة بابل ذاتها مع ذكر للآلهة عشتار كما و نقلها الشارع اليوناني أوفيد و نظمها شعرا و لربما قد انتقلت في فترة نقل العلوم اليونانية إلى كل اوربا و درجت اسماع شكسبير مع العلم ان الثيمة الأساسي للقصة موجود في موروثات اكثر الشعوب
النص الكامل فقط على صفحة و موقع كلكامش السومري منقول من كتاب إنجيل بابل للأستاذ خزعل الماجدي مع بعض التصرف
الصورة من رسم علي طالب مقتبسة من لوحة للفنان بول باتو
بيرام و تسيبا
هناك في بابل كان الفتى بيرام اجمل من رأته العيون
يافعا طريا خلع عليه أيا أجمل الصفات و زينه بالرجولة و القوة
و كانت حبيبته تسيبا الشبيهة بعشتار تسكن مع اهلها في بيت يجاور بيت اهل بيرام
كان حبهما يفوق كل تصور
هاما ببعضهما و طار قلبهما مثل فراشة تحوم حول منزليهما
كانا يلتقيان سرا في الليل و يتبادلان حبهما لذة و نشوة و فرحا
كان يقول لها حين يلتقيان
- مرحى أنوثتك .. مرحى فمك ينفتح على آية خلق و ينغلق على آية هلاك
مرحى أنوثتك تطبق بثعابينها على جذعي
مرحى انوثتك قامات في إستقبالي
مرحى انوثتك تشرب الطعنات و تنتشي
مرحى انوثتك تشعل الحصاد و احتفالك يكسر الزمن
مرحى انوثتك تخيط لي الارض
مرحاها تنزع الكأس و تترنح
و كانت تقول له كلما التقته:
- قبل ان أجيء درزت عظامي و شكلت فخذي
شكلت يدي لك، قبل أن اجيء أزهرت بستاني و عطشت فمي
دهنت عيوني بك،
قبل ان اجيء جعلت وجهي شحبا و قامتي مثل غصن لأليق بك
قبل أن أجيء، أضأت شعري و طببته
جعدته لك و طويت فيه نجوما و آسا
لك دورقت صدري و هيأت مزارع التوت تحت جلدي
قبل أن اء ضربت بشرتي بأعواد و وضعت المشاعل في عظامي
قبل أن أجيء أوقفت قلبي عن الدق في صدري عن النفس
و رأيت انك ستعيد الدق إلى قلبي اقوى و النفس لصدري اشد
كانا يتناغيان بأجمل الكلمات و الأشعار و أحلاها
كان عشقهما يثير حسد النجوم و الاشجار و الليل
يندمجان ببعضهما و تشرب روحيهما الحب
حتى جاءت ليلة مرت فيها آلهة الحقد و النميمة
فرأتهما و ارادت معرفة سر حبهما
فتمثلت بزي أمرأة اسمها بوران
اتخذت لها دارا يطل على الفناء الذي يلتقي فيه بيرام و تيسبا
و أخذت تراقبهما في لقائهما الحار الذي ينضح حبا و نشوة
فكانت النار تشتعل في صدرها حتى لم تعتد تحتملها
بعد ان كان هذا المشهد يتكرر امامها كل ليلة أنطلقت بوران تحكي قصة العاشقين
بين كل بنات بابل و هولت امرهما و اتهمتهما بالفساد و الضعة
أنتقل الخبر إلى اهل بابل كلهم
و كان اشد وقعا و عنفا على اهل بيرام و تسيبا في موضعهما
جر والد تسيبا ابنته من شعرها و أدخلها غرفة مقفلة في بيته
دفع والد بيرام ابنه امامه و ضربه و حبسه في غرفة مقفلة في بيته
توسلت عائلة تسيبا أبوها ليزوجها بيرام لكنه أبى و كذلك فعل والد بيرام
غرق العاشقان في هم و حزن طويل
لكنهما ادركا ذات يوم إن غرفتيهما متجاورتين
فحفر كل منهما ثقبا في الجدار الذي بينهما حتى إلتقت أيديهما
و بدءا يتبادلان حبهما من ثقب الجدار فيسهران إلى جواره الليل كله
و كان شوقهما يزداد استعارا كل ليلة
لم يعد الثقب يكفي فقال بيرام لتسيبا:
- لقد اثقل الحب قلبي و أدماه و لم يعد بإمكاني تحمل هذا كله
- حتى انا يا حبيبي
- اليد التي مدتتها.. يدك يغلفها الضوء.
الكأس الذي هو فمك حلو شرابه و طعمه لا يزول
لكني اطمع في ان احرث الارض التي بيني و بينك
- حسنا يا بيرام دعنا نهرب من سجنينا
دعنا نعيش بعيدا عن الكراهية و الحقد
دعنا نزرع الحب في ارض اخرى
- اسمعي يا تسيبا سنهرب الليلة القادمة و نخدع حراس السور
نجتاز ابواب بابل
دعينا نلتقي تحت شجرة التوت خارج المدينة، تلك التي تشخ على ضفة الفرات
- حسنا يا بيرام سنلتقي غدا هناك
ما إن حل الليل حتى هربت تسيبا من البيت
ووصلت إلى بوابة المدينة فوجدت الحراس يقظين يراقبون كل ما حولهم
فإعتصر الحزن قلب تسيبا و بكت
سمعت الآلهة الآلهة عشتار بكاؤها فتألمت
أرسلت رسولتها لتلهي الحراس بعزفها و رقصها
و تسللت تسيبا من البوابة و خرجت خارج المدينة
ذهبت إلى شجرة التوت الكبيرة و وقفت قرب قبر الملك
تلفتت لكنها لم تجد بيرام
غسلت وجهها من نبع يجري تحت الشجرة
استراحت تحت شجرة التوت و كاد النوم ياخذها
سمعت زئير أسد عظيم ملأ الغابة
أرجعت الآفاق صدى صوته فارتعدت و اختفت بين الاحراش
سقط شالها الحريري من كتفها تحت شجرة التوت
و هي تركض بين الأحراش
مضى وقت قصير جاء فيه الاسد نحو النبع ليشرب الماء
بعد ان شبع من فريسته في الغابة
شرب و اراد العودة إلى الغابة لكنه لمح الشال
فراح يلوثه بدم فريسته العالق بمخالبه ثم اختفى بالغابة بعيدا
وصل بيرام إلى المكان الموعود
لم يجد تسيبا بل وجد شالها ممزقا معفرا بالدماء
صرخ بيرام مجنونا مزقت صمت الليل
- يا ليل أخذت حبيبتي،
أخذتها، هي التي ازهرت في فمي
هي التي بها اعيش و اشم الهواء
الطبيعة اخذتها مني
الغابة اخذتها مني و تركت شالها لكي تذكرني بفعلتي الشنعاء
لقد انتزعتها من فراشها الدافئ و رميتها في فم الموت و لا يستحق الموت أحد سواي
سأذهب إلى الموت كما أرسلت اليه تسيبا سأذهب إليه
تحت شجرة التوت إنتزع بيرام سكينه
طعن نفسه مراراً فنفر الدم ساخنا قانيا على جذع الشجرة
نهلته جذورها و احمرت ثمار التوت البيض بلون دم بيرام
سقط بيرام صريع الموت
كانت تسيبا متخفية بين الأحراش خائفة من الأسد
حتى مشى وقت إطمأنت فيه فخرجت تسرع إلى شجرة التوت
وصلت إليها أستغربت انها تحمل ثمارا حمراء
ظنت انها أخطأت المكان
لكن القبر و النبع أكدا لها أن المكان هو مكان موعد
لكن هذا الجسد الملقى تحت الشجرة
لا تحركه امواج الليل
أهو بيرام؟؟
تقدمت اليه....
رات الدم ما زال ينبثق منه وهو جثة هامدة
ألقت نفسها عليه تحتضنه و تقبله و تصرخ و تبكي
فتح بيرام آخر ومضى من عينيه ... ألقى عليها التحية
مات و في يده شالها المخضب بالدماء و في الآخرى سكينه
أدركت ما حصل ... فأخذت السكين
غرستها في صدرها فإنبثق شلال من الدم سقى شجرة التوت وما حولها
سقطت تسيبا جثة هامدة قرب جثة بيرام
بكى الآلهة و رفعوا روحيهما إلى مكان خالد
و أثمرت من ذاك اليوم شجرة التوت ثمرا احمرا
دفن ابواهما جثتيهما هناك و عرفوا ان العالم تبدل
و أن الإنسان جحد بالحق و الخير
و أن روحه تبدلت و إتسخت
أصبح الناس على غير طبيعتهم
يكره بعضهم بعضا و انقسموا
حاكم و محكوم
سيد و عبد
فضجر الناس
علي طالب
المصدر/إنجيل بابل للدكتور خزعل الماجدي
الصورة من رسم علي طالب مقتبسة من لوحة للفنان بول باتو