لأمجدن رب الحكمة
الصورة متخيلة يظهر فيها شوشي مشري شكأن متقوقعا في الزاوية و زوجته في الوسط و الإله مردوخ ينظرإليهما من الزاوية من رسم علي طالب
لأمجدن رب الحكمة
العليم الذي يضرب الليل و يهلل النهار
مردوخ رب الحكمة
هو الذي يلف مثل زوبعة كل شيء
هو الذي ينعم مثل النسيم
لا أحد يقاومه، غضبه كطوفان،
لكن قلبه ممفتوح ينضح رقة
هو الذي لا قدرة للسماء على تحمل ضرباته
راحته الطمأنينة و التي تحيي الاموات
الهي إبتعد عني و آلهتي ابتعدت عني
و عني ذهب الذي كان معي
هرب إلهي الحامي وركن إلى غيري
ذهبت عافيتي و اصبحت عاريا من العافية
و ظهرت امامي إشارات المصير
فخرجت من بيتي و مشيت هائما
الاشارات كانت مرعبة و ايامي اسودت
عزفت عن العراف و المفسر
و لم أكن اعرف طريقي
كلمات كالنذير سمعتها
وحلمي كان مخيفا
الملك... يد الاله و شمس الناس كان غاضبا علي
رجال الملك يتآمرون علي
يقول الاول سأنهي حياته
يقول الثاني سأحرمه من عمله
يقول الثالث سآخذ مهماته
يقول الرابع سآخذ بيته
يقول الخامس سأخرب حياته
أما السادس و السابع فقد جعلا إلهي الحامي يهرب
السبعة جندوا قواهم كالشيطان
بفم واحد ينفثون نارهم و حقدهم علي
لجموا لساني الباسل .. وأغلقوا شفاهي المنطلقة ..
واخرسوا كلامي
رأسي العالي انحنى نحو الارض
و قلبي القوي اصبح هشا
صدري العريض تقوض
ذراعي القويتان شلتا
و صرت امشي قرب الجدار
و كنت امشي كالسيد
تحولت عبداً
و صرت معزولا
الكل يشير اليّ حين امشي في الشارع
و حين ادخل القصر ينظرون إلي
المدينة كلها تنظر الي بقسوة
وصار بلدي عدواً
و أخي وصاحبي و جاري ابتعدوا عني
خادمي لعنني في المحكمة
خادمتي شهدت علي بأشياء مخجلة
و قريبي حين رآني انهزم
و عائلتي تظر إلي كغريب
من احبني مكروه
من كرهني يرفع الى الأعالي
من يسيء إلي قريب من الآلهة
من يحسن إلي قريب من الموت
لا أحد معي
لا أحد لي
و ما كنت املكه لم يعد معي
طردوا من بستاني لحن الحصاد و أحالوه الى صمت
في المعبر جعلوا غيري يقيم الطقوس
نهاري حسرة
ليلي نحيب
شهري أنين
سنتي أسى
عمري نواح حمامة
نشيدي شكواي
عيناي دامعتان و وجهي مكفهر
من الزمن سنة بعد أخرى لأيما جهة حولتُ وجهي فالمصيبة تلي المصيبة
الشر يكبر حولي و لا أمل
صرخت مناديا
إلهي ؟!! ...
فصد وجهه عني..
رجوته...
فصد وجهه عني
رجوت الهتي فلم تلتفت
و العراف لم يعرف مستقبلي
و مفسر الأحلام لم يكشف حالتي
توسلت بروح الاموات فلم تأبه لي
و المعزم لم يحل العقدة
يقولون: حالته غريبة
خلفي الخراب مثل شخص ﻻ قرابين عنده
أو كالذي دعى آلهته للطعام و لم ينحني لها
مثل شخص توقف فمه عن تدويد الأدعية و نسي طقوس الآلهة
و لم يعلم اولاده احترام الآلهة
و كالذي تناول طعامه دون ذكر إلهه
كالذي نسي آلهته
كان ذكر الآلهة سعادتي
الدعاء لها حكمتي
تقدماتها واجبي
الطواف لها تجارتي
الصلاة لها فرحي
عودت بلدي و اهلي على احترام طقوس الالهة
و احترمت الملك
و علمت الشعب خشية القصر
و كنت ارى ذلك حسنا
لكن
ما كان حسنا لنا .... أساء للإله
ما كرهناه ... كان حسنا للإله
من منا يعرف ما عند الآلهة في السماء؟
في الأعماق؟ من اين لنا معرفة طرق الآلهة ؟
انظروا من كان البارحة صحيحا يقف على حافة الموت اليوم
من كان حزينا ابتهج لوهلة و غنى ثم فجع
الناس في لمحة يتبدلون يصيرون كالجثث حين يجوعون و كالآلهة حين يشبعون
يحكون عن بلوغ السماء حين يكونون سعداء
و عن الحضيض حين يتألمون
و انا أسأل نفسي عن هذا كله
و انا ﻻ اعرف ما يجري
انا مرهق كأن زوبعة ورائي
مرضت و هبت ريح حولي
الحمى انتشرت من حولي من العالم الاسفل
و الزكام خرج من الأبسوو من الجبل ظهرت شياطين الأوتوكو
و من قلب الجبل نزلت شيطانة اللامشتو و كفيض النهر جاءت القشعريرة الباردة
و مع الخضرة نبت السقم
كل هذه الاوجاع اقتربت مني اصابت رأسي و شدت على جمجمتي
إكفهر و جهي و هطلت دموعي و زحفت الاوجاع الى عنقي
شلت رقبتي و اصابت صدري عذبت جسدي و اشعلت النار في بطني
إرتجف جسدي و هدَت الأوجاع بنائي مثل جدار منهار
عائلتي بكتني و مزلاج بابي أغلق
و طرحت في الفراش
و لسعني سوط شائك و تقطعت أطرافي
و لم يستطع المعزم كشف مرضي
و كان قبري مفتوحا
مرضي افقدني وعيي و جعلني اهذي
و استمر انيني
و حلمت في يقضتي احلاما
حلمت ان رجلا طويل القامة ناصع اللباس
كان مشعا رهيبا وقف امامي و قال لي
أرسلتني السيدة لأقول لك
و حلمت حلما ثانيا ظهر فيه كاهن التطهير
و كان يمسك غصن الطرفاء المطهر
وقال لي
أرسلني (لال أور أليما) كاهن نفر لأطهرك
و سكب علي الماء و قرأ عليّ تعويذة الحياة و دلك جسمي
و رأيت في الحلم الثالث أمرأة رائعة الفتنة
ملكة الشعوب مثل آلهة
جلست قرب فراشي فقلت لها
" من أجلي أطلبي الرحمة "
فقالت لا تخش شيئا سأكون شفيعتك و رتلت
" الرحمة لمن آلامه كآلامك، أيا كان، و لكل من اتته هذه الرؤيا "
و ظهر لي (أورند نلوكا) مثل شاب ذي لحية وعمامة و في يده لوحة و يقول
أرسلني مردوخ لأقول لك
" يا شوشي مشري شكأن فرجك قريب "
أعطاني مردوخ علامة إنتشلني من مرضي و فك قيودي
إرتاح قلب إلهي و تقبل صلواتي و منحني النعمة و حل عقدة خطاياي
و جعل الريح تحمل خطاياي
وضع المعزم قربي التعويذة و طرد الريح الشريرة إلى الآفاق
و أرجع الحمى و الزكام و شيطان الأوتوكو و اللامشتو و القشعريرة إلى اماكنها
و بدد الخدر مثل الدخان و حمل مصائبي و تأوهاتي إلى الأرض
و أسقط من رأسي الألم
و من عيني رواسب الموت
و من أذني الصمت
و من انفي الحمى
و من شفتي اللهب
و من فمي الغمام
مردوخ الذي أغلق فم الأسد الذي كان يفترسني
مردوخ الذي انتزع مقلاع من كان يطاردني على ضفاف النهر
دلكت جبهتي وشاهد الناس مردوخ يعيد إلي الحياة
فمن سيرى شمسه دون مردوخ؟
و من سيمضي طريقه دونه؟
مردوخ الذي يبعث الموتى فإنشدوا له و مجدوه أيها البشر
و ها عدت إلى متابعة السجود
و على أبوابه إلهي الحامي عاد و على بوبات الخلاص و الحياة و الشمس و الوضوح و النذير و حل الخطايا و المدائح و الخلاص و منتهى الكمال وقفت
و وضعت أمامي البخور العطر
و كدست القرابين و التقدمات
و ضحيت بثيران سمينة و ذبحت خرافا و قدمت خمورا
وعسلا لمردوخ و إلهي الحامي
فرشت موائد طعام عامرة أفرحت الصدور
علي طالب
المصدر/ إنجيل بابل للإستاذ الدكتور خزعل الماجدي