عيد أكيتو ....
خالد ناجي الكريماوي - أستاذ التأريخ القديم
اليوم الأول من نيسان
كانت الأعياد بشكل عام تقام في أيام معينة من السنة ويشترك فيها الناس عامة، وليس من شك أنّ الأعياد الدينية في العراق ما هي إلا امتداداً لتلك المراسيم والمناسبات التي كانت تقام في العصور التاريخية المبكرة فأعراس تموز وعشتار وطقوس الزواج المقدس( ) وغيرها ما هي إلا مظهر من مظاهر تجليات الخصب وتكاثر الإنتاج، وهذا هو الحال لدى الإنسان في العصور القديمة وصراعه الدائم مع قوى الطبيعة لضمان قوته وبقائه .أما في العصر البابلي القديم فقد احتلت الأعياد والاحتفالات الدينية أهمية بارزة لدى سكان بلاد الرافدين، إذ كانت تتضمن القيام بأنواع من العبادات والطقوس والشعائر الدينية التي يقوم الكهنة بالنصيب الأكبر منها عبر مراسيمها وأدوارها ومن بين تلك الأعياد والاحتفالات وأكبرها حدثاً عند البابليين أعياد رأس السنة التي كانت تدعى بالسومرية " زكموك " ((ZAG.MUG" رأس السنة " وفي الاكدية "ريش شاتي atti)š(rêš وبالبابلية "آكيتو" عيد رأس السنة البابلية، وخصصت معابد معينة
- الزواج المقدس: احتفال تدور فكرتها حول التأكد على أهمية الخصب في الطبيعة وعلى محاكاة تلك الظواهر من أجل زيادة الإنماء ووفرة المحصول وهطول الأمطار، وقد جسدت مسببات الخصب في الإلهة عشتار وزوجها تموز والذي يجري مراسيمه كل عام، إذ يقوم الملك والكاهن الأعظم بتقمص شخصية الإله تموز بينما تقوم الكاهنة العظمى بدور الزوجة (عشتار) إذ يحتفل الناس بذلك اليوم من السنة في فصل الربيع، وتقام تلك الاحتفالات في المعبد عند وصول موكب الملك إلى المعبد ومعه الهدايا والقرابين لتكون الجماهير حاضرة لاستقباله في الوقت الذي تتم جاهزية العروس لذلك، ولعل سمة الزواج بين الآلهة سمة بارزة في معظم الديانات القديمة، ويتضح ذلك عبر أسطورة الخليقة التي تؤكد على أن لكل اله ذي شأن عظيم زوجة مقدسة تشاركه في مهام وظيفته (1) للاحتفال بها، ويسمي البابليون ذلك المعبد باسم "بيت آكيتو"( )، الذي تجرى فيه الاحتفالات بعد خروج تمثال الإله مردوخ من معبد "الايساكيلا" ، ولا يخفى أن أعياد أكيتو هي نفسها عند السومريين التي يعتقد بأنّ فيها يجري الزواج المقدس بين تموز وعشتار، وهناك من أرجع هذا الزواج إلى عصر سلالة أور الثالثة، وكان هذا الاحتفال ـ الزواج المقدس ـ يحصل في يوم رأس السنة الذي يبدأ بالأول من شهر نيسان، التي كانت تقام في الألف الثالث ومنتصف الألف الثاني قبل الميلاد، الذي يختتم عادة بإقامة حفل كبير يشارك فيه عموم الناس، وبحلول الألف الأول قبل الميلاد أصبح الزواج المقدس جزءاً من عيد آخر أطول وأكثر تعقيداً هو عيد " آكيتو " رأس السنة البابلية " الذي كان يستغرق اثني عشر يوماً " بقدر عدد أشهر السنة " (آذارـ نيسان ) ويبدأ في اليوم الأول من نيسان الذي يدور حول نقطتين أساسيتين بحسب الاعتقاد البابلي فالنقطة الأولى تمثل الصراع بين القوى الطبيعية وانتصار العناصر الباعثة للحياة في فصل الربيع ، وان انتصار آلهة الخير على أرباب الخراب في الكون المتمثلة بانتصار الإله مردوخ على قوى الشر التي تزعمتهم تيامة، وقيام مردوخ بشطر جسمها إلى شطرين خالقا منهما السماء والأرض، أما النقطة الثانية للزواج المقدس( )، ولا يخفى أن هذا العيد كان يقام في مدن أخرى قبل أن يقام في مدينة بابل فمن خلال النصوص المسمارية يتضح أن احتفال آكيتو كان من الأعياد المعروفة في مدينة أور في زمن ما قد سبق حكم السلالة الاكدية، فضلا عن شهرته في كل من مدينة لكش ونفر في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد
- بيت آكيتو : أسم المعبد مشتق من اسم معبد قديم والاسم يمكن ان يكون سومري، كان موقعه خارج أسوار مدينة بابل شمال شارع الموكب على أحدى التلول المحاذية لنهر الفرات والذي عرف عند المنقبين باسم "التل الشرقي"، وقد أسفرت التنقيب فيه الكشف عن مخططه الأرضي المضلع الشكل بأبعاد (140x140م)، وكانت جدرانه قد شيدت على أسس حجرية، منحتها القوة والمتانة والشكل الهندسي المنظم (2)
وحسب التقويم الحالي يوافق اعياد اكيتو في 21 أذار من كل سنة .إنّ هذا العيد قديما كان يقام مرتين في السنة في الشهر الثاني عشر وفي الشهر السادس أو الرابع، ويفرق بين العيدين كون الأول يطلق عليه "آكيتو موسم البذور" والثاني " آكيتو حصاد الشعير" وتشير الأدلة إلى أن الاحتفال بالعيد كان يقام في فصل الخريف لينتقل بعد ذلك إلى فصل الربيع مع تغير التقويم آنذاك، وفي بابل أخذ العيد شكلا آخر وبالتحديد وعندما عَظُم شأن المدينة في زمن سلالة بابل الأولى " سلالة حمورابي " أصبح عيد آكيتو رأس السنة لتمجيد الإله مردوخ من الشعائر الدينية المهمة حين تجتمع في بداية السنة البابلية في نيسان آلهة بابل وبورسبا " برس نرود " وإله المدينة نابو أبن الإله مردوخ ليمر هذا الجمع من الآلهة بموكب فخم في شارع دُعي لهذا السبب بشارع الموكب( )، وتؤخذ إلى معبد الإله مردوخ " ايساكيلا " لتحيي الإله وتعظمه لكونه الإله الذي يقدر المصائر وأقدار السنة الجديدة، والمقرر لما سيحدث فيها. كانت مساهمة الملك الشخصية ركناً أساسياً من أركان الاحتفال، واصلا بها لليوم الخامس من الاحتفال مع طقوس معينة قد أميطت به، وقد يؤجل الاحتفال لعدم حضور الملك وتمكنه من المشاركة لأي سبب مثلما حدث ذلك مرة في زمن حكم الملك نبونائيد في بابل، ولنا أن نتلمس من كلام اوتا ـ نبشتم، عظمة احتفال "آكيتو" عندما كان يهيئ لبناء السفينة للنجاة من الطوفان إذ يروي : " لقد نحرت للناس ثيران عديدة وكنت اذبح لهم نعجة كل يوم وأقدم للعمال عصير العنب والنبيذ الأحمر والسمن والنبيذ الأبيض ... كنت أقدمها لهم بسخاء كما لو كانت من مياه النهر حتى انهم اقاموا احتفالا كما لو كانوا في يوم آكيتو
- شارع الموكب : يبدأ شارع الموكب من معبد ايساكيلا عند بوابة الإله مردوخ والمسماة بــ " شي آشو إريمو " ( (She Ashu Irimuأي " مردوخ راعي أرضها أو بلادها " مارّا بمحاذاة سور البرج المقدس " السور المحيط بالزقورة ومعبد ايساكيلا " ويتجه إلى الجنوب بموازاة النهر، ثم ينعطف بزاوية قائمة تقريباً إلى الغرب ويستمر بمحاذاة سور البرج جنوباً فيصل النهر في موضع أقيم فيه جسر فخم من الحجر وجدت بقاياه في النهر، وهو جسر يمثل امتدادا لشارع الموكب إلى القسم الغربي من المدينة .ولأهمية هذه الأعياد وعظمتها عند البابليين جعلوها باثني عشر يوماً إذ تبدأ في اليوم الأول من نيسان البابلي وتنتهي في الثاني عشر من الشهر نفسه، ويمكننا توضيح تلك الأيام على وفق الآتي :اليوم الأول : وخصص لتعيين الكهنة بحسب مراتبهم وتنظيف المعابد وحرق البخور فيها وإكسائها بكسوة جميلة وتلاوة التراتيل وإقامة الصلوات، ويقوم كذلك الكاهن الشيشكالو( ) ((Šešgalu بوضع ثوب جديد ربما كان ابيض اللون على تمثال الإله مردوخ.( ) الشيشكالو أو الشيشغالو : كاهن رفيع الرتبة يعد الكاهن الأعلى في معبد الايساكيلا له مهام كبيرة في أعياد آكيتو، لا يعلم حقيقة هذا الكاهن في الأصل ولكنه صار في العصور التاريخية الأخيرة بمثابة الكاهن الأعلى وكان لكلَ معبد كاهناً من هذا النوع عدا الكهنة الآخرين (3)
اعياد اكيتو - اليوم الثاني من نيسان
الاستاذ خالد ناجي الكريماوي - استاذ التاريخ القديم
في الساعتين الأخيرتين من الليل ينهض رئيس الكهنة "الشيشكالو" ويغتسل بماء النهر ثم يقوم بزيارة تمثال الإله، وفي الليل كان ينشد التراتيل في مدح الإله ثم يقرأ مع كاهن آخر تراتيل الحزن أمام الرب حتى الصباح، ومن هذه الصلوات والتراتيل :
" إيا بعل، يا من ليس لغضبك نظير، أيها الملك العطوف وسيد الأقطار الذي جعل كبار الآلهة مؤيدين له . يا سيد الملوك، ونور الإنسانية الذي يوزع الحصص، ويمنح السلطة، ويراقب بنظره أجوبة الآلهة . يا سيد أقطار مدينتك، بابل، أشمل بعطفك أولاد بابل " .
اليوم الثالث من اعياد الأكيتو
الاستاذ خالد ناجي الكريماوي
في الساعتين المتبقية من نهاية الليل يفترض على رئيس الكهنة أن يغتسل بماء النهر كما في اليوم الذي سبقه ثم يصلي رئيس الكهنة " الشيشكالو " بعدها يشترك معه كهنة آخرون في الدعاء والتراتيل، وتتكرر هذه العملية في اليوم الرابع وكل ذلك في معبد ايساكيلا .وبعد مضي ثلاث ساعات على شروق الشمس يدعو الشيشكالو حداداً ويسلمه عدداً من المجوهرات وكمية من خزانة الإله مردوخ لصنع تمثالين لاحتفالات اليوم السادس، ثم يدعو نجاراً ويعطيه قطعة من خشب الأرز، وبعدها يقدم كمية من الذهب إلى صائغ يستدعيه، لصنع تمثال طوله سبعة أشبار، الأول من خشب الأرز والثاني من خشب الأثل وعليه أربعة درر وذهب بزنة أربع مثاقيل . ويمسك التمثال الأول في يده اليسرى ثعباناً ويرفع يده اليمنى بتحية للاله نابو، والثاني يمسك في يساره عقرباً ويرفع اليمنى بتحية إلى نابو أيضاً، "وهما رمزان للقوى التي في باطن الأرض "، ويلبس هذان التمثالان رداء أحمر بالإضافة إلى حبل من ليف النخل يشد خصريهما، ويوضعان حتى اليوم السادس من الاحتفال في بيت الإله ويقدم لهما الطعام من سفرة الإله مردوخ حتى يحين اليوم المذكور ، وكذلك يقدم الشيشكالو امام تمثال الإله كل يوم قطعاً من لحم الغنم المضحاة فيعطي الالية إلى الحداد والصدر إلى الصائغ والفخذ للنجار والأضلاع للحائك .
اعياد الاكيتو
اليوم الرابع من نيسان
يستيقظ فيه الشيشكالو قبل شروق الشمس بأكثر من ثلاث ساعات وبعد أداء صلاة خاصة أمام الإله مردوخ وزوجته الإلهة صاربانيتوم وهو بملابس كتانية بعد الاغتسال بماء النهر للإله وزوجته(، وتلك الصلوات كالعادة تفتتح بالكلمات الآتية : " السيد القوي، السيد القوي في الايكيكي، المبجل بين الآلهة، الإلهة القوية، الأنثى ألاهوتية، الاكثر تمجيداً "، وبعد ذلك يخرج الشيشكالو إلى ساحة المعبد لينتظر ظهور مجموعة من النجوم تعرف باسم " اكر" ((Acre وفي مساء اليوم ذاته يرتل الكهنة قصة الخليقة البابلية التي يرد فيها انتصار الإله مردوخ على الإلهة تيامة وجيوشها ويحمد الإله مردوخ، ويرى البعض أن عملية السرد لهذه القصة " حينما في العلى " قد تسرد بشكل درامي من دون الخطاب المباشر في القراءة.
اعياد أكيتو
اليوم الخامس
يطهر الكهنة معبد ايساكيلا ويقوم الشيشكالو برش المعبد بالماء المقدس وترتيل أناشيد معينة ثم يحرق البخور ويذبح كبش وتمسح جدران المعبد بدمه ليزيل ذنوب السنة بكاملها (أو لامتصاص جميع الشرور) ثم يلقى الكبش المذبوح في مياه النهر، ثم يكسى المعبد بكساء ذهبي اللون، وكان على الكاهن الذي قام بعملية ذبح الكبش أن يبقى خارج المعبد وفي العراء لحين الانتهاء من الاحتفالات كونه نجسا في اعتقادهم، ويعمل النجارون في هذا اليوم منصة في المعبد تسمى " السماء الذهبية " استعداداً لمجيء الإله نابو من بورسبا وكانت الآلهة أيضاً تسال أن ترمي جميع الشرور استعداداً لمجيئه، وليصل في هذا اليوم الملك إلى المعبد ويقدمه الكهنة إلى تمثال الإله مردوخ، ثم يترك مدة من الزمن ليتم إذلاله وإجباره امام تمثال الإله، بعدها يدخل علية الشيشكالو فيخلع عنه التاج وشارات الملك ويضعها أمام تمثال الإله ثم يركع الملك أمام الإله ويؤدي صلاة الغفران. الذي يقول فيها: " انني لم أذنب يا سيد البلدان ولم أكن مهملاً بشأن إلوهيتك، لم أخرب مدينة بابل ولم اسبب لها الهوان، لم أخرب ايساكيلا ولم أكن غافلاً عن مناسكه، لم اصفع الناس الذين هم تحت حمايتك على وجوههم، لم اسبب مذلتهم، لقد حرصت على مدينة بابل ولم أخرب جدرانها " .وعندما يسمع الشيشكالو قول الملك عندها يجيبه بكلام يرضي الملك ويجعله مطمأناً بقوله : " لا تخف ولا تحزن، أن الإله مردوخ سيسمع صلاتك ويوسع سلطانك ويعلي من شأن ملوكيتك وينصرك على أعدائك ومناوئيك " .وبعد ذلك يصفع الكاهن الشيشكالو الملك خده ويفرك أذنه لتذكيره بطبيعته البشرية وان لا يصيبه الغرور، ولعل كثرة الألم وخشونة معاملة الملك مما يصب في مصلحته لاعتقادهم أن الدموع في عيني الملك تعد إشارة إلى أن الإله مردوخ كان راضياً عليه ودلالة على سنة حسنة قادمة للبلاد وعندها ترجع ما انتزع منه من شارات الملوكية والسلطان من قبل الشيشكالو، وإذا لم تظهر دموعه فتلك دلالة على أنّ الإله غاضب وأن العدو سينتفض ويسبب سقوطه، وفي غضون ذلك يقسم الملك للإله مردوخ بأنه سوف يكون مخلصاً له في واجباته كونه حاكماً وينذر (بقسم) باستمرار ولائه لهم في السنوات القادمة. والمحور الرئيس في مشاركة الملك هو أن ينال من الإله الأكبر مردوخ الموافقة الإلهية على المشاريع التي يحكم بها العاهل البابلي إرضاءً لطموحاته وتحقيقاً لرفاهية شعبه. وقد يصاحب مدة وجود الملك داخل المعبد تجمع للناس خارج المعبد في قلق وهلع معتقدين أن الإله أسير في العالم الأسفل، ولعل تجريد الملك من صفته الرسمية ترفع من وتيرة قلقهم كونهم صاروا بعد ذلك من دون سلطة تجمع كيان الدولة، وفي مساء اليوم نفسه – الخامس – يشارك الملك في طقوس معينة في ساحة المعبد إذ كان يجري حفر حفرة في الأرض ثم يؤتى بحزمة مكونة من أربعين قصبة تربط إلى سعفة وكانوا يربطون إلى جوار الحفرة ثوراً أبيض اللون ثم يشعل الملك والكاهن النار في الحفرة ويذبح الثور ليبدأ الاثنان بقراءة دعاء خاص بالمناسبة، والذي يبدأ بالعبارات التالية :" ثور مقدس، نار رائعة تقضي على الظلام "وعثر المنقبون في موضع آشور على نص مسماري يوضح نزول الإله مردوخ إلى العالم الأسفل وهذه خلاصة لترجمة النص :" ينزل الإله مردوخ إلى جبل العالم الأسفل، ثم يحتجز هناك وبعدها يبدأ احد رسل الآلهة منادياً عمن يستطيع مساعدته وإخراجه من جبل العالم الأسفل، فيذهب إلى الجبل ويصل حتى البيت الواقع على حافته، وهو البيت الذي أستجوب فيه الإله مردوخ عن سبب مجيئه إلى العالم الأسفل . وقبل أن يأتي الإله نابو من مدينة بورسبا من أجل إنقاذ والده المحتجز يقوم الناس بالتفتيش عن الإله مردوخ في المكان المحتجز فيه . وفي هذه الأثناء تستنجد زوجة الإله مردوخ بالإله سين إله القمر وبالإله شمش من أجل إعادة الحياة إليه . وعلى ما يبدو أن الإلهان المذكوران لم يتمكنا من عمل شيء ينجد الإله مردوخ، ولذلك تذهب بعدها إلى بوابة المكان الذي أحتجز فيه وتقوم بالتفتيش عليه هناك، وإضافة إلى ذلك فقد وضعت حراساً ليقوموا بمهمة حراسة الإله مردوخ ما دام هو محتجز وبعيد في سجنه عن الحياة وعن الشمس والضياء . لقد أصيب الإله مردوخ بجروح أثناء احتجازه في جبل العالم الأسفل وكان الدم ينزف منه، ولذلك تنزل إليه زوجته الإلهة صاربانيتوم لتمكث معه من أجل مسح جروحه والعناية به ."
اعياد الاكيتو
اليوم السادس من نيسان
أهم حوادث اليوم وصول موكب الإله نابو في قارب في نهر الفرات إلى بابل قادماً من بورسبا وتصل تماثيل آلهة أخرى من نفر والوركاء وكيش، ثم يجري أنزال تماثيل الآلهة من السفن في رصيف مدينة بابل وتسير في موكب فخم يمر من الشارع المعروف بشارع الموكب قاصداً المعبد المخصص لاحتفالات الاكيتو، وكان هذا الملك يتقدم هذا الموكب ويقوم بسكب الماء المقدس أمام الآلهة .أما التمثالان الصغيران اللذان صنعا في اليوم الثالث قد وضعا بطريقة خاصة بحيث إذا تقدم الإله نابو كانا يشيران إليه وعند وصوله يقطع حامل السيف رأس هذين التمثالين ويرميهما في النار، وأنّ معنى هذه الشعيرة الدينية غامض ولكن من الواضح أن التمثالين الصغيرين يمثلان بعض القوى الشريرة أو المخلوقات الشريرة التي يقضي عليها نابو الإله
أعياد أكيتو
اليوم السابع
وتمثل في هذا اليوم تمثيلية حزينة تصور موت الإله مردوخ وعروجه إلى السماء، ويجرح الإله في هذا اليوم ويموت ويخرج الناس يبكون مفتشين عنه، مع سيادة الفوضى نتيجة فقدان الإله وتشد عربة بحصان هائج يركض في شوارع المدينة على غير هدى، ويسلم الحكم إلى أحد أبناء العامة الذي يلتف حول عدد من الأشخاص يحكم طول النهار بفوضى وعبث صاخبين حتى غروب الشمس حيث ينزل عن العرش مع أخذ شارات الملك منه لتعطى لذلك الملك الشرعي الذي يجلس على عرشه وسط تهاليل الشعب وأفراحه وابتهالاته، وإعدام من حاول التعدي على الملك الحقيقي والصعود على العرش الملكي في ذلك اليوم، في محاولة منهم لإجبار جميع القوى الشريرة والأرواح الشيطانية على عدم الأضرار بالملك الحقيقي طيلة أيام السنة الجديدة .
أعياد أكيتو
اليوم الثامن
وفي هذا اليوم تبعث الحياة إلى الإله مردوخ وتعود الأمور إلى مجاريها الطبيعية ويسود النظام والاستقرار والطمأنينة، وتجتمع الآلهة في معبد الإله مردوخ لتقرير مصير البشرية وآجالهم في السنة الجديدة( )، ويجلس الإله مردوخ في حجرة تقرير المصائر على مقعد وتقدم إليه ولاء الطاعة ليقف الإله انليل في أثناء ذلك ومجمع الآلهة أجلالا للإله مردوخ فيبدأ الأخير بتقرير مصير الأيام التالية ومصير الملك كذلك، ويقف الناس خلال هذه الاحتفالات بهدوء في الخارج خشية تعكير صفو جلسات الآلهة في مجلسهم فيحل الشر في العالم .
أعياد أكيتو
اليوم التاسع
يسير فيه موكب مهيب يمثل انتصار الإله إلى معبد رأس السنة " بيت آكيتو " ويكون الملك فيه مسؤولاً عن أدارة سير ذلك الموكب الذي يبدأ من معبد ايساكيلا مارا بشارع الموكب وينتهي هذا الشارع بباب عشتار ليعبر الموكب نهر الفرات إلى معبد الاكيتو.وتوضع الآلهة في ما يسمى بالزوارق ذوات العجلات المزخرفة بالذهب واللازورد الأزرق والعقيق الأحمر، ويركب تمثال الإله مردوخ في الزورق الأول ويصاحبه أربعة كهنة يقف كاهن واحد عند عمود من أعمدة المظلة، وتأتي بعد الزورق الأول العربة الملكية الحربية تسحبها ثلاثة جياد ويركب فيها السائق وحامل المظلة، ويحمل الزورقُ الثاني زوجته صاربانيتوم التي يعلوها تاج ذو نجمة ثمانية الرؤوس، ويليه زورق فيه تمثال جالس لإله الشمس وثمة موكب لآلهة آخرين، وتبقى الآلهة في المعبد إلى نهاية أيام العيد تمثل خلالها قصة الخليقة وتمثل وقائعها للتأكد على انتصار قوى الخير على القوى الشريرة .
أعياد أكيتو
اليوم العاشر
يحتفل الإله مردوخ بالاشتراك مع الآلهة الأخرى بانتصاره وزواجه من صاربانيتوم وفيه تقام وليمة خاصة بهذه المناسبة في معبد آكيتو ويعود بعدها الإله مردوخ إلى معبده للاقتران بعروسه وهو الزواج المقدس الذي يمثل فيه مردوخ وزوجته في المخدع بأعلى الزقورة بعد تقمص الملك شخصية الإله الذي يتزوج من كاهنة عذراء،هي ناديتو الإله مردوخ، كونها تتمتع بمكانة مميزة من بين كاهنات المعبد .
عيد أكيتو
اليوم الحادي عشر
وفي هذا اليوم تعود الآلهة ليلاً على ضوء المشاعل فتسلك من جديد طريق بابل، للاجتماع في معبد ايساكيلا لتأكيد آجال البشر وكان يحيّى مردوخ لدى دخوله ايساكيلا بهذا النشيد :
" أيها السيد، عندما تعود إلى ديارك، فان ديارك تقول لك : السلام عليك أيها السيد! ، لا تترك بابل، مدينة فرحك غير " مأهولة! " .وكان الإله نابو هو الذي يكتب هذه المصائر على ألواح من الطين كانت تتخذ طابع الوحي الإلهي . "
اعياد الاكيتو
اليوم الثاني عشر من نيسان ... الحلقة الاخيرة
في صبيحة الثاني عشر يعود الإله نابو إلى بورسبا وتعود الآلهة الآخرون كل إلى قدس أقداسه وبذلك تنتهي الأعياد ويبقى مصير بابل سائراً حتى نهايته .
وفي نهاية اعياد اكيتو أقول لكم (( كل عام وانتم بالف خير مع تمنياتي لكم بالصحه والعافيه في عراق الحضارات، كما أقدم الشكر الجزيل لإدارة الصفحه والشكر ايضا للقراء المتواصلين دوماً دون انقطاع دمتم بخير وطلبي منكم الاستمرار في قراءة تاريخنا الكبير الذي يبدأ ببداية اختراع الكتابة في 3500 ق.م إلى ما نهايه ... ))